Monday, May 30, 2011

وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أﻻ إله إﻻ الله وحده ﻻ شريك له إقرارا به وتوحيدا ، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما مزيدا..

أما بعد ، فبعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى المدينة شرع في بناء دولة اﻹسلام طيلة عشرة سنوات إلى أن توفاه الله عز وجل بعد أن أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمته ورضي لنا اﻹسلام دينا ، فصارت معالم هذا الدين والتشريع الرباني واضحة غراء ﻻ تخفى على أحد إﻻ كما تخفى الشمس في النهار على العُميان.. وفي هذه السنين حدثت أحداث جسام وأمور عظام قصّ الله علينا بعضها في القرآن ليتعظ كل منا بكلام ربه ما بقينا في هذا الحياة الدنيا.. ومن هذه اﻷحداث حادثة تحويل القبلة ، ﻻ أريد أن نقف مع هذه الحادثة نظرة تاريخية اﻵن ولكن ما يعنيني هو العبرة والعظة التي جعلها الله لنا فيها..

قال الله عز وجلّ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [سورة البقرة - 143]

الشاهد الذي أريد أن أبينه (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ).. يقول البغوي رحمه الله تعالى فإن قيل ما معنى قوله (إِلاَّ لِنَعْلَمَ) وهو عالم باﻷشياء كلها قبل كونها ؟ أي المراد إﻻ لنُري ونُميز من يتبع الرسول في القبلة ممن يرتد.. وفي الحديث إن القبلة لما حُولت ارتد قومٌ من المسلمين إلى اليهودية..

فالله عز وجل جعل أمرا عظيما في الدين ﻷجل شيء واحد أن يُبين ويُميز من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ممن ينقلب على عقبيه..
أي ليُبين ويُميز للمؤمنين من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ممن يعترض على أمره ويأبى تنفيذ شرعه وسنته..

أقول: وكذلك شرع الله وسائر أوامره جعلها الله فرقانا بين الناس ليُميز المؤمنين بشرعه عن غيرهم..
يقول الله عز وجلّ: (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران - 179]